خطاب جلالته في الإنعقاد السنوي لمجلس عمان


الحمد لله الذي ارتضى الشورى للمؤمنين والصلاة والسلام على أشرف 
‏الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. أعضاء مجلس عمان الكرام.. 
‏أيها المواطنون الأعزاء.. 
‏بسم الله نلتقي على الخير والصلاح وعلى بركته نمضي في طريق التنمية والتطور والنجاح رافعين أكف الضراعة إليه تبارك وتعالى أن يمدنا بعونه وتوفيقه ورعايته وتأييده من أجل مواصلة مسيرة النهضة المباركة إلى آفاق أرحب من التقدم والرقي والعمران يتحقق فيها المزيد من الاستقرار والنماء والأزد‏هار في كل وبوع عمان انه هو السميع الخبير. 
‏ان لقاءنا هذا المبارك بإذن الله تعالى من كل عام له د‏لالته الواضحة على تأكيد منهج الشورى وترسيخه في حياة المجتمع العماني الذي أصبح يعي أهميته وذلك من أجل بناء المستقبل الذي نتطلع إليه جميعا.. أن الفهم المشترك والفكر المستنير هما الركيزتان الأساسيتان للنهوض بعمان وخدمة أهلها على أسس سليمة. 
‏أعضاء مجلس عمان الكرام.. أيها المواطنون الأعزاء.. 
‏إن الأمم لا تبنى إلا بسواعد أهلها وان رقيها في مدارج الحضارة والتقدم لا يتم إلا عن طريق العلم والخبرة والتدريب والتأهيل وليس بخاف أن الثروة الحقيقة لأية أمة إنما تتمثل في موارد‏ها البشرية القاد‏رة على د‏فع عجلة التطور إلى الأمام في جميع مجالات الحياة وبما يحقق آمالها ويوقد جذوة الطموج المتجدد ‏فيها وصولا إلى ما ننشده من عزة وكرامة ومجد وسؤدد ‏.. لذلك كانت دعوتنا الدائمة منذ بزوغ فجر النهضة العمانية المباركة إلى النهوض بهذه الموارد ‏وتوفير كل أسباب الرعاية لها وتذليل كل الصعوبات التي قد تعترض طريقها حتى تتمكن من الإسهام بفاعلية وايجابية في تطوير المجتمع وبناء قدراته العلمية والعملية ومهاراته الفنية وخبراته التقنية. ولا شك إن إنجاز أية خطوة على هز ا الدرب الطويل سوف يتيح مزيدا من فرص العمل وبالذات في القطاع الخاص الذي نكرر دعوتنا له وفي كل مناسبة أن يأخذ زمام المبادرة في هذا المضمار وأن يعمل بجد وبروح وطنية عالية لرفع نسبة العمالة العمانية في مؤسساته وشركاته الصغيرة منها والكبيرة. . ونحن إذ نتوجه بالنداء إلى هذا القطاع الحيوي الهام لكي يفتح أبواب العمل للعمانيين مؤهلين وغير مؤهلين مدربين وغير مدربين كل في المجال الذي يصلح له لا نشك في انه سوف يستجيب لهذا النداء الوطني وانه لن يدخر وسعا في سبيل توفير العيش الكريم والوظيفة المناسبة لكل طالب عمل مهما كانت امكانياته وقدراته فالعمل ضروب وأصناف متنوعة منها ما يحتاج إلى مؤهلات ومهارات خاصة ومنها ما لا يحتاج إلى ذلك وتكفي في شأنه خبرة صغيرة أو تدريب قصير. 
‏إن الجهاز الإداري للدولة استوعب خلال الأعو ام الثلاثين الماضية معظم القوى الوطنية العاملة ولم يعد قادرا على استيعاب أعداد كبيرة أخرى. . والعبء اليوم في القيام بهذا الدور إنما يقع على عاتق القطاع الخاص الذي لا يزال حجم العمالة الوافدة فيه يتيح إيجاد فرص للعمل أوفر وأكثر يعل فيها العمانيون محل الوافدين. . وبقدر قليل من التضحية والإيثار من جانب أرباب العمل سوف تسعد أسر عمانية عديدة تتطلع إلى حصول أبنائها وبناتها على مصدر للرزق يعينها على تحمل أعباء الحياة وتكاليف المعيشة، وفي هذا الشأن نرى أن من واجب حكومتنا وأعضاء مجلس عمان الكرام القيام بتوعية السكان في مناطقهم وتعريفهم بقيمة العمل وضرورة احترامه وتقديره والتنبيه على أن العمل الجاد ليس هواية يمارسها الفرد متى شاء بل العمل جزء لا يتجزأ من العبادة وبالتالي يجب أداؤ بإخلاص واتقان وأمانة. 
‏أيها المواطنون الأعزاء.. 
‏على مدى الحقبة المنصرمة من عمر نهضتنا الحديثة اتضحت وعلى مراحل متعددة معالم سياستنا الداخلية في شتى الميادين الاجتماعية والثقافية ‏والاقتصاد‏ية كما تأكدت ثوابت سياستنا الخارجية من وقوف إلى جانب الحق والعدل وتعزيز لوشائج الأخوة وروابط الصداقة والمساهمة في توطيد الأمن والسلام الدوليين ونحن على يقين من أن إقامة السلام وصيانته في العالم أمران ضروريان لخير البشرية جمعاء وان هذا السلام لا يمكن الحفاظ عليه إلا إذا كان قائما على قواعد راسخة من العدالة وأسس ثابتة من التعاون والتفاهم بين جميع الأمم، كما أننا على يقين من أن الإرهاب بكل صنوفه وأشكاله وأيا كانت الجهة التي تمارسه إنما هو اعتداء على السلام الذي تنشده البشرية وتسعى إليه وعلى الاستقرار والأمن الدوليين اللذين نعمل مع الأمم الأخرى على توطيدهما وترسيخهما. ومن هذا المنطلق فإننا وكما كنا د‏ائما خلال مسيرتنا المباركة ندين الإرهاب ونستنكره وندعو إلى التصدي له ومعالجة أسبابه. 
‏وفي ختام هذه الكلمة نو د ‏أن نشير إلى انعقا د ‏القمة الثانية والعشرين لمجلس التعاون في مسقط مرحبين بلقاء الأخوة قاد‏ة المجلس في بلدهم عمان د‏اعين الله العلي القدير أن يكون لنا ظهيرا ونصيرا وأن تكون نتائج هذه القمة خيرا وبركة لجميع شعوب المنطقة. 
‏اللهم زد‏نا ولا تنقصنا وأعطنا ولا تحرمنا وأجعل هذا البلد سخاء رخاء يأرب العالمين. 
‏ربنا أتمم علينا نعمتك وأوزعنا أن نشكرها واكتب لنا السداد ‏والرشاد ‏والنجاح والتوفيق. 
‏والسلام عليكم ورحمة الله ويركاته، ، ، 


التقييم: 1 (1 إجمالي التقييم)