كلمة صاحب الجلالة بمناسبة افتتاح مجلس عمان



بســــم الله الرحمن الرحيـــــم

الحمد لله على ما أولى وأنعم , والصلاة والسـلام على الرسول الأمين, وعلى آله وصحابته ومن والاه إلى يوم الدين..
أعضاء مجلسي الدولة والشورى الكــــرام...
أيهـا المواطنون الأغراء .. في كل مكان..
في هذا اليوم الميمون المبارك نفتتح باسم الله وبتوفيقة, مجلس عُمان الذي يتكون من مجلسين : مجلس الشورى, وقد كان تجربة رائدة اثبتت نجاحها خلال الفترة الماضية, ومجلس الدولة الذي نأمل ان يكون لبنة أخرى قوية راسخة في بنيان المجتمع العُماني, تعزز ما تحقق من منجزات, وتؤكد ما رسمناه من مبادئ, ومن بينها إرساء أسس صالحة لترسيخ دعائم شورى صحيحة, نابعة من تراث الوطن وقيمه وشريعته الإسلامية, معتزة بتاريخة, أخذه بالمفيد من أساليب العصر وأدواته.
إن إنشاء مجلس الدولة, ليقوم بواجبة, جنباً إلى جنب, مع مجلس الشورى في تحقيق الأهداف الوطنية, يعتبر خطوة متقدمة على صعيد التعاون بين الحكومة والمواطنين من أجل مزيد من الأزدهار والرخاء والتقدم والنماء.
فتعد الآراء والأفكار التي تخدم الصالح العام, وتثري مسيرة التطور والبناء, هو من أهم العوامل التي تعين على وضوح الرؤية, وتحديد الغاية, لذلك فأنتم جميعاً مطالبون, سواء في مجلس الدولة أم في مجلس الشورى, بأن تبذلوا قصارى الجهد في دراسة المسائل التي تطرح عليكم, أوتلك التي ترون طرحها في نطاق المهام الموكولة إليكم, دراسة مواضوعية تتسم بالدقة والواقعية والوعي, وصولاً إلى آراء سديدة, وحلول رشيدة, تؤدي بجانب الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة الى تقدم الوطن, وتوفير أسباب الحياة الكريمة للجميع على هذه الأرض الطيبة الآمنة بإذن الله.
أيها الأعضاء الكـــــــرام ...
لقد اتخذت الدولة خلال الحقبة الماضية من الخطوات المدروسة ما يحقق تسخير موارد الوطن لخدمة الأهداف المرجوة, والطموحات الكبيرة التي تسعى إلى بناء مجتمع ناهض, واقتصاد قوي فشجعت الصناعة والتجارة والزراعة ،ويسرت مجالات الاستثمار, وطورت مرافق الخدمات, لتتواكب مع مراحل التقدم في البلاد, وأنشأت المؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية , وسنت القوانين المنظمة لحركة البناء والتطور.
ونحن إذ نشكر أغضاء حكومتنا على جهودهم المتواصلة في تنفيذ الخطط والبرامج التنموية, وإذ نعرب عن دعمنا لهذه الجهود, وحرصنا على مواصلتها, استعداداً للقرن الحادي والعشرين, ورغبة في مواجهة تحدياته بخبرة أكبر وأعمق وخطوات أرسخ وأوثق, فإننا نؤكد اليوم, وكما أكدنا دائما, على ان مسيرة التنمية الشاملة لا تكتمل إلا بالتكاتف والتعاضد, والتعاون والتساند, بين الحكومة والمواطنين. لذلك فإن مسؤوليتكم في استمرار هذه المسيرة كبيرة وعظيمة. وهي مسؤولية وطنية سوف تحاسبون عليها أمام الأجيال القادمة. فهل أنتم مستعدون لحملها؟ إن ذلك يحتم عليكم أن تبدوا آراءكم وأن تقدموا مقترحاتكم بكل تجرد وترفع عن المصالح الخاصة. وأن تلتزموا الواقعية في تناول القضايا التي تمس المصلحة العليا للوطن والمواطن, وتقدموا بمعالجتها من منظور شامل للبلاد بكل مناطقها وولاياتها, لا تهدفون في ذلك إلا إلى تحقيق الصالح العام, كما يقتضيمنكم التركيز على القضايا الرئيسية وعدم الانشغال بأمور جانبية قد تعوق التواصل إلى نتائج عملية في المسائل المطروحة للبحث, متجنبين دائما كل ما من شأنه الابتعاد بكم عن الهدف النشود.
إن المشاركة في ترسيخ وعي المواطنين بأهداف التنمية ومهامها وأولوياتها والجهود التي تبذل لتنفيذها , وتعميق الترابط بين الحكومة والمواطنين, واجب وطني أساسي, ينبغي على كل فرد من أبناء هذا البلد الغالي القيام به فالمواطنون من حقهم أن يعرفوا ما تبذله الحكومة من جهود في سبيل رفع مستوى المعيشة, وتطوير الاقتصاد, وتنمية الثروات الوطنيق, ورعاية المجتمع , وضمان أمنه واستقراره, والمحافظه على قيمه وثرواته ومنجزاته, كما أن من حقهم أن يعرفوا أن الساحة الدولية تشهد كل يوم من التطورات والمتغيرات ما يوجب على الحكومة إعادة النظر في خططها, وأولوياتها, وبرامجها التنفيذية, وأساليبها المنهجية بما يمكنها من تفادي السلبيات التي تتمخض عنها بعض تلك التطورات والمستجدات, وبما يجعل من الضروري أن يتفهم المواطن ظروف كل مرحلة من المرحلة. ويتقبل الواقع الذي تفرضة بروح إيجابية, لذلك فإن التوعية ضرورية للمجتمعبكل فئاته وشرائحة, وهي من لوازم العمل الوطني التي بدونها لا يتأتى للكثيرين تقدير مدى تأثير بعض الأحداث العالمية على المسار التنموي.
وإذا كنا ندعو الجميع إلى أداء واجبهم في مضمار التوعية فإننا نؤكد هذه الدعوة بوجه خاص لأغضاء مجلس الشورى. فمن واقع تمثيلهم للمواطنين, المجلس ولجانه, بالقيام في المرحلة القادمة بدور أكثر فاعلية في هذا المجال , يجعل الرؤية أوضح, والبحث أعمق, والنتائج أفضل وأجدى وأشمــل..
كما نجدد الدعوة لجمعيات المرأة العُمانية, وغيرها من المؤسسات مع معطيات العصر حتي تتمكن المرأة في كل موقع, من أداء دورها الحيوي في المجتمع والذي عملنا منذ البداية على أداء إعدادها للقيام به, فأتحنا لها فرص التعليم والعمل والمشاركة في الخدمة الاجتماعية, والاسهام بالرأي من خلال مجلس الشورى, وها نحن اليوم نقوم بتكريمها مرة أخرى وذلك بتعيينها في مجلس الدولة, لنرفع من مكانتها, ونعزز من فرص مشاركتها في خدمة مجتمعها وتنميته وترقيته إضافة الى مهمتها الكبرى في بناء الأسرة, وغرس الانتماء والولاء في نفوس الأجيال الصاعدة.
أيها الأعضاء الكـــــــرام ...
أن التجربة في مجال الشورى قد حازت على رضانا والحمد لله, حيث شيدت دعائمها في أناة, وبنيت أركانها بعد تثبيت, وذلك من أجل أن يكون البنيان عند اكتماله, بإذن الله قوياً راسخاً محققاً للغايه التي نرجوها والهدف الذي نسعى اليه.
وإذ نتوجه إلى المولى تبارك وتعالى أن يحفظ عُمان. ويرعى مسيرتها, ويسدد خطاها, يسرنا أن ننتهز هذه الفرصة لتهنئتكم والدعاء لمجلس عُمان بالتوفيق والنجـــــاح.
والسلام عليكــم ورحمة الله وبركاتــه ...


التقييم: 3.5 (4 إجمالي التقييم)