خطاب جلالته في الإنعقاد السنوي لمجلس عمان


الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على من جاء بالهدي ليخرج الناس من د‏ياجير الظلمات وعلى آله وصحبه ما د‏امت الأرض والسماوات . 
‏أعضاء مجلس عمان الكرام .. أيها المواطنون الاعزاء: 
‏ها نحن نجتمع مرة أخرى بحمد الله وفضله مجدد‏ين عزمنا على ترسيخ منهج الشورى وتطويره بما يلبي مصلحة الوطن ويستجيب لتطلعات المواطنين . لقد أرد‏نا منذ البداية ان تكون لعمان تجربتها الخاصة في ميدان العمل الديمقراطي ومشاركة المواطنين في صنع القرارات الوطنية وهي تجربة يتم بناءها لبنة لبنة على أسس ثابتة من واقع الحياة العمانية ومعطيات العصر الذي نعيشه يشهد على ذلك ما سبق اتخاذه من خطوات متدرجة في هذا المضمار آخرها منح حق الانتخاب لجميع المواطنين رجالا ونساء ممن تتوافر فيهم الشروط القانونية . 
‏واذ ا كنا من جانبنا نقدم الرعاية لهذه التجربة واذ ا كانت حكومتنا من جانب آخر تقوم بواجبها نحو التعاون مع كل من مجلس الدولة ومجلس الشورى فإنه لا بد من الاشارة الى ان هناك بعدا هاما آخر يجب ان يتحقق لكي تؤتي التجربة ثمارها الطيبة . ‏
هذا البعد يتمثل في نشاطكم أنتم أعضاء المجلسين ومدى ما تقدمونه من د‏عم لهذه التجربة سواء عن طريق التوصيات والمقترحات العملية التي ترفعونها او عن طريق التوعية المفيدة للمواطنين . 
‏إن نجاح التجارب الانسانية هو نتاج سعي متواصل وعزم واراد‏ة وشعور بالمسؤولية ولا يمكن لأمة من الأمم ان تدرك غايتها اذ ا لم تعمل يدا واحدة من 


‏اجل بناء مستقبلها وتنمية قدراتها وامكاناتها . ونحن واثقوان تمام الثقة من انكم جميعا رجالا ونساء سوف تسهمون في نمو هذه التجربة العمانية وترسيخ جذورها واعلاء بنيانها من خلال العمل الجاد ‏المتسم بالمسؤولية والحكمة والذي لا يراد ‏به الا رفعة الوطن وخدمة المواطنين . 
‏أعضاء مجلس عمان الكرام .. أيها المواطنون الاعزاء : 
‏لن نطيل عليكم في استعراض منجزات النهضة العمانية في شتى مياد‏ين الحياة خلال الفترة الماضية غير انه إذا كان الحاضر بفضل الله زاهرا مفعما بالخير فان من واجبنا الا ننسى ان المستقبل هو الذي ينبغي أن يكون مدار تفكيرنا وتخطيطنا ذلك لأن الأهداف كبيرة والتحديات كثيرة والدرب طويل ومن ثم فلا بد لنا من ان نتسلح بالعلم والعمل والإد‏ارة الصلبة والدعاء الى الله بالتوفيق . 
‏ومن هذا المنطق فأننا نولي أهمية كبرى في سياستنا الداخلية منذ بدء النهضة المباركة لتنمية الموار د ‏البشرية وتطويرها بما يمكنها من خدمة المجتمع ورفع شأن الوطن ومن أجل ذلك فأننا نقدر الجهود ‏التي تبذلها أجهزة الدولة المختلفة في هذا المجال. كما نشيد بمساهمة القطاع الخاص في برامج التعليم والتدريب وصقل المهارات واعداد ‏الكواد‏ر العمانية المؤهلة ونشجع بوجه خاص اتجاه هذا القطاع الى إنشاء الكليات والجامعات في مختلف مناطق السلطنة من أجل توفير أكبر قدر من فرص التعليم العالي في هذا الوطن . 
‏ونحن ندعو القائمين على هذه الجامعات الى تيسير سبل الالتحاق بها أمام الشباب العماني كما ندعوهم الى العناية بمناهجها الأكاد‏يمية والعمل على تطويرها دائما بما يحقق لها المكانة العلمية المرموقة بين الجامعات ويزيد من اقبال الدارسين عليها ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر اننا تابعنا خلال العامين الماضيين نشاط القطاع الخاص والجهد الذي يبذله في مجال توفير فرص العمل للمواطنين في مؤسساته وشركاته . واذ نحث الشباب العماني على الاستفاد‏ة من فرص التعليم والتدريب والعمل المتاحة فإننا نود ‏أن يستخلص الجميع من د‏عوتنا المتكررة الى العناية بالموارد ‏البشرية ((تعليما وتدريبا وتوظيفا)) مدى اهتمامنا بهذا الموضوع الحيوي الذي نعتبره الركن الأساسي لبناء المستقبل والحافز 


‏الأكبر للنجاح في بلوغ الغايات التي نسعى اليها والأهداف التي نصبو الى تحقيقها. 
‏كما لا يفوتنا التنوية الى اننا قد أصدرنا في شهر يوليو من عام 2001 ‏م مرسوما سلطانيا بإجراء تعداد ‏عام للسكان والمساكن والمنشآت على ان يبدأ العد الفعلي في د‏يسمبر من العام الحالي 2003 ‏م واننا إذ نؤكد على أهمية نتائج هذا التعداد ‏بما يخدم الخطط التنموية المستقبلية للبلاد ‏لندعو الجميع الى التعاون التام مع القائمين عليه من خلال اعطاء المعلومات الدقيقة وتسهيل كل ما من شأنه انجاح الأهداف المرجوة من ذلك . 
‏أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية فنحن ندعو بقوة الى اقامة د‏ولة فلسطينية ذات سياد‏ة قابلة للاستمرارية في أقرب فرصة والى استعا د ‏ة الدول العربية أراضيها وسياد‏تها والى السلام والأمن والاستقرار في كل أرجاء العالم. ان الظلم ظلمات ونحن ضد الظلم والظلام ومع العدل والنور والوئام . ولن تهنأ البشرية ولن تكتب لها الطمأنينة الا بإقامتها ميزان العدل واحترامها لكل ما يكفل للأنسان حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في الكرامة وعدم الاذلال وحقه في الحرية والاستقلال . 
‏((والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)) وفقكم الله وكتب لكم النجاح في عملكم . 
‏والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


التقييم: 3 (2 إجمالي التقييم)